Tuesday, June 29, 2010

لبنان-- ثقافة سياسية تغطّي فعل التعامل مع العدو

ابراهيم الأمين
...

لكن هل من تفسير لهذا الصمت المدوّي؟ وهل من تفسير لهذه الرغبة العميقة في تحويل أي خبر عن اكتشاف عميل للعدو كأنه خبر عابر يجب أن تتقدمه أنباء زيارات السفيرة الأميركية وجولاتها السياحية، وأخبار القيل والقال التي يتندّر بها السياسيون عن ناخبيهم، ثم يردّدها الناخبون مع ضحكات تعكس حالة الهبل التي ترافق عملية التجديد للطبقة السياسية ذاتها؟
في الاحتفال الذي أقامه وليد جنبلاط على شرف السفير السوري في بيروت علي عبد الكريم علي، تحدث زعيم المختارة عن «أننا كنا أدوات» في المحور الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية. وليد جنبلاط من قال ذلك، ولم يرد عليه أحد من الذين رافقوه في هذه الحقبة، وهم أنفسهم أدّوا الأدوار التي يبدو أن لوائح «السير جيفري» تضم مؤسساتهم ومنابرهم ومواقعهم الإلكترونية وشركاتهم الإعلامية والإعلانية، ومع ذلك، كانت تثور ثائرة كل هؤلاء عندما كان يصدر تحليل أو موقف يشير إلى أن ما يرفعونه من شعارات وما يقومون به من خطط سياسية وإعلامية إنما هو تحقيق لمصالح أعداء لبنان، وأنهم مجرد أدوات فيه.
هذه العقلية التي تريد إهمال هذه العناصر، وتريد تسخيف فعل الخيانة والتعامل مع إسرائيل، والتي تحاول توفير حمايات طائفية ومذهبية ومناطقية لأي مشتبه فيه، هي العقلية التي تجعل مجموعة كبيرة من الموقوفين لا يجيدون تفسير سبب تورّطهم في هذه الأعمال، وهم في غالبيتهم لا يشعرون بأنهم ارتكبوا فعل الخيانة، وأنهم كانوا على ثقة بأنه في حالة انكشافهم، ستحصل مداخلات لإطلاق سراحهم: ألم تهدّد مرجعية دينية بأن توقيف اثنين من المشتبه فيهم بخطف وقتل المناضل الصيداوي محيي الدين حشيشو بعد 27 عاماً على اختفائه، سيفسّر بأنه إنعاش لذاكرة الحرب الأهلية؟ ألم يشعر المتهمان بأنهما يحظيان بحماية وغطاء يتجاوزان عمل الجهات القضائية؟
في كل ما سبق، ثمة قاعدة وحيدة، وهي أن من يسمّي إسرائيل بالدولة العادية، ولا يحرّم لفظ اسمها إلا كعدو واضح، ومن لا يعود إلى بديهيات المفردات في هذا الصراع، لا يكون راغباً في معركة مواجهة العدوان

No comments: