تحتل الأزمة السورية الصدارة في الصحافة المحلية والعالمية. الجميع يتابع أعداد الضحايا والعمليات العسكرية والمقاتلين والمخطوفين. يتداولون الأرقام الصادرة عن ذلك المرصد أو تلك الدائرة الحكومية، ويمطروننا بوابل من المعلومات التي يصعب التأكد منها. ولكن، هناك بعض الأرقام التي قلّ ما نسمع بها، برغم أنها تنذر بكارثة عميقة. إليكم نموذجاً عنها، صادراً عن مسح قامت به أخيراً الأمم المتحدة. في سوريا، اليوم، مليون ونصف مليون مواطن في حاجة ملحّة إلى الإغاثة الغذائية العاجلة، يوجد أكثرهم في مناطق الصراع والتهجير، وقد يصعب الوصول إليهم. وهم، بشكل أساسي، سكان الأرياف والقرى النائية. ويضاف إلى ذلك العدد، مليون آخر هو أعداد المزارعين ومربي الماشية الذين تنقصهم المواد الأساسية لإتمام عمليات الزراعة وتربية الماشية هذا العام، الأمر الذي سيؤدي حتماً إلى تفاقم العجز الغذائي. وهنا، تقدر منظمة الفاو أن خسارة القطاع الزراعي السوري تقارب ملياري دولار، وأن هناك حاجة ملحة إلى ٣٨ مليون دولار لمساعدة المزارعين على غرس حقولهم، وإلا فسينهار القطاع ومعه الأمن الغذائي. أما برنامج الغذاء العالمي، الذي تبلغ موازنته في سوريا ١٠٣ ملايين دولار لهذا العام، فيعاني عجزاً يقدر بـ٦٢ مليون دولار. وما يفاقم المصيبة أن عدداً كبيراً من السوريين العاملين في لبنان عادوا إلى قراهم للاعتناء بعائلاتهم. وقد يبلغ هذا العدد ٧٠٪، كما في منطقة درعا مثلاً. يمثّل القطاع الزراعي العمود الفقري للأوطان، هذا ما فهمته الدول الغربية الغنية التي تدعم قطاعها بمليارات الدولارات. وهذا ما تعلمناه من العراق، حيث دمر الاحتلال قطاع الزراعة واستبدله ببرنامج «النفط مقابل الغذاء»، فعاد إنتاج الغذاء في العراق إلى ما قبل الثورة الصناعية. هناك اموال تتدفق على سوريا لشراء السلاح وتغذية الحرب. ولكن، هل من يهتم فعلاً بسوريا ويمنع زراعتها من الزوال؟
Saturday, August 25, 2012
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment