Saturday, June 23, 2012

جبل التحولات

جبل التحولات


رامي زريق
دخلت الزراعة في جبل لبنان حالة الموت السريري. الأسباب كثيرة لهذا الواقع، ليس أقلها إهمال الدولة المزمن واعتناق سياسات اقتصادية تحفّز الاقتصاد الريعي وشريعة السوق وفتح الأبواب لاستيراد الغذاء بدلاً من إنتاجه. وبرغم أن جبل لبنان يتلقى كميات وافرة من الأمطار، ما يجعله خزان لبنان المائي، إلا أن البنى التحتية فيه لا تزال على حالتها البدائية، فهي لم تتطور فعلياً منذ أيام أخوت شاناي. وفي ما يخص الإنتاج الحيواني، وخصوصاً تربية الماعز، شهد هذا القطاع انحساراً أتى نتيجة صعوبة العمل وغياب المراقبة البيطرية وجميع أشكال المساعدة. هنا، يتحدث رعاة الماعز في الجبل عن انحسار الطلب على حليب الماعز ومشتقاته وعن التبدل في نمط الاستهلاك والانتقال من الغذاء المحلي إلى الأطعمة الجاهزة المستوردة، كلحم البقر وحليب «البودرة» والأجبان المعلبة. وقد أدت هذه العوامل إلى تغيير جهة استعمال الأراضي من الإنتاج إلى الريع، ومعها تحوّل الجبل بكامله إلى مساحة استثمار عقارية كامنة، ينتظر الجيل الجديد فرصة بيعها الذهبية لتدرّ عليه المال الوافر وتساعده على الانتقال للعيش في المدينة حيث توجد فرص العمل في قطاع الخدمات. وهذا الواقع سيسهم حتماً في تبدل طبيعة الأرض. على سبيل المثال، هناك كارثة حقيقية تصيب الأراضي الجبلية المدرّجة (المجللة) التي يعود بعضها إلى أكثر من 2000 سنة والتي بناها الفلاحون بأيديهم ليستصلحوا الأرض ويزرعوها. فها هي اليوم في حالة تدهور مبكية، وقد جرفتها الأمطار وحولتها إلى مساحات «سليخ» تنتظر أنياب الرفش الآلي ليحرثها مرة أخيرة ويزرع فيها فيلا أو مجمعاً سكنياً. وبين هذا وذاك، يتحسّر الجيل القديم على أيام العز، بينما يبحث الجيل الصاعد عن دواليب قديمة يعبّر فيها عن يأسه. يا له من زمن!

Tuesday, June 19, 2012

Monsanto may lose billions in GM soy royalties row

Monsanto faces the loss of billions of euros in revenues from its genetically-modified (GM) soy in Brazil after the country’s Supreme Court ruled that any decision reached in a local court case should apply nationally.

Sunday, June 17, 2012

Lebanon: A Country of Changes


My Al Akhbar article translated by dear Laila
Recently a number of graduate students of environmental studies at the American University of Beirut (AUB) carried out a study on changes in livelihoods in four rural areas in Mount Lebanon.
They studied the environmental, economic, and social transformations that accompany these changes.
The results confirmed what we already knew, but they did reveal some new and interesting issues.
The study showed that there was a great deal of symmetry in the dynamic of the changes despite the differences in the areas studied, which covered from the Koura area in the North to the Chouf just south of Beirut.
Read the rest here: 

بلد التحولات


بلد التحولات


رامي زريق
قام أخيراً عدد من طلاب الماجستير في علوم البيئة في الجامعة الأميركية في بيروت بدراسة تحوّلات سبل العيش في 4 مناطق ريفية في جبل لبنان، وما يرافقها من تغيرات بيئية واقتصادية واجتماعية. جاءت نتائج البحث لتؤكد ما كنا نعلمه بديهياً، مع كشفها عن بعض الأمور الجديدة والمثيرة للاهتمام. أما البديهيات في الدراسة، فقد أظهرت أن هناك تشابهاً كبيراً في ديناميكية التحولات على رغم الاختلاف بين المناطق المدروسة، التي امتدت من الكورة إلى الشوف. كما كان للحرب في لبنان حيّز في الدراسة، إذ بينت أن لها أثراً كبيراً على صعيدين: الأول أنها دفعت الأهالي إلى الهجرة الطوعية أو القسرية، الأمر الذي أدى إلى انهيار الاقتصاد الريفي التقليدي. والثاني أن الحرب قضت على العقد الاجتماعي بين المواطن والدولة، الذي لم يكن يوماً قوياً واستبدلته بشريعة غاب تخدم مصلحة القوي وتُسهم في نشر الفساد.
من جهة أخرى، أضاءت الدراسة على التحولات في النظم الزراعية التقليدية، وخصوصاً الاختفاء شبه التام للزراعات الموسمية البعلية كالحبوب وانتشار الزراعات المروية، ما أسهم في انحسار المساحات المزروعة نتيجة محدودية توافر مياه الري. ومن جهة أخرى، أشارت الدراسة إلى تفكك البنية المدنية التقليدية للقرى والبلدات المدروسة، التي كانت مبنية على التجمع حول مرافق البلدة (الساحة ودار العبادة وعين المياه). وما تغير هو أن مساكن هذه البلدات تنتشر اليوم على الأراضي الزراعية السابقة، الأمر الذي أسهم في تحول طابع الأرض وأريافنا تالياً إلى امتداد للمدينة. ومن الأمور التي بقيت ثابتة عبر السنين عدم التكافؤ في ملكية الأرض؛ إذ لا يزال عدد صغير من الملاكين يسيطر على مساحات واسعة، بينما تتنافس عامة الشعب على ما بقي له من فتات. هكذا، يبدو أن مصالح الأثرياء في لبنان قادرة على الصمود أمام تحولات التاريخ.
يا له من وطن!

Wednesday, June 13, 2012

Israel in Nato: predictable delights for the NATO Revolutionaries






Passed by HoR now at Senate As well as other predictable delights it includes:


(10) Encourage an expanded role for Israel within the North Atlantic Treaty Organization (NATO), including an enhanced presence at NATO headquarters and exercises.

Mike coined the "predictable delight" description. Thanks. 

Thurayya on cultural colonialism

"Why do some American exchange students, for example, speak to me in a way that is different than the way they speak to each other? My experiences as a Lebanese person in America and a Lebanese person in Lebanon in the company of Americans has led me to notice subtle indicators of internalized superiority: enunciated words, truncated sentences, condescending tones, the way they suddenly change their manner of speaking and disposition simply by turning to a fellow American."


http://thurayyatellsitlikeitis.blogspot.com/2012/06/how-west-has-won-seduced-by-english.html

Friday, June 8, 2012

Devastated Yemen


Dear Laila kindly provided a translation of my al akhbar article
Yemen is facing famine. It is very clear according to the figures published by the UN World Food Programme. They show that since 2009 Yemen has seen a doubling of the number of people suffering from food insecurity. International media outlets have been reporting the horrific news of vast numbers of children suffering from severe hunger. It is reported that 300,000 children’s lives are in danger because of hunger. In Al-Hodeida city alone, 30% of children suffer from hunger at rates which directly affect their physical and psychological development. According to the Oxfam representative, this rate is double the number the UN usually adopts to declare a state of crisis. 
So what is happening in Yemen? How did it transform in less than a century from one of the biggest producers of coffee in the world to a country suffering from famine and importing its food? How can an Arab country which produces and exports oil suffer from famine? 
It is the same story, from one country to the next and one continent to another. Yemen had produced its own food alongside coffee since the fifteenth century. With the development of export investment agriculture, coffee became the basis of Yemen’s economy. However, when the colonialists arrived at the beginning of the twentieth century, the technology of coffee production was transferred to African and Latin american countries. This led to competition which in turn led to the collapse of the coffee sector in Yemen within a few decades. 
Slowly, Yemen lost its footing. It witnessed revolutions, civil wars and dictatorships from the days of the Imams until today, experiencing division, unity, dictatorship under Ali Abdullah Saleh, uprisings and America’s war with Al-Qaeda. 
But the agricultural sector fared equally during all these phases, it was completely neglected. This provided investment opportunities for a handful of investors close to the regime and to food importers. Groundwater was pumped gratuitously and water levels dropped. Then, in the last few years, drought came to crown the disaster already begun by the rulers and those who benefitted from them. 
So today we find Yemen fighting to release its revolution from the claws of America and its Arab servants, its children calling out for help. Are any Arabs going to answer their call?

اليمن المتآكل


اليمن المتآكل


رامي زريق
يعاني اليمن المجاعة. الأمر واضح جداً في معطيات برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، حيث يشير إلى أن بلاد بلقيس تشهد منذ عام 2009 تضاعفاً في نسبة الذين يعانون فقدان الأمن الغذائي. وقد تناقلت وسائل الإعلام العالمية أنباءً «سوداء» عن أعداد هائلة من الأطفال يواجهون الجوع القاتل. من بين الأرقام المتداولة: ٣٠٠ ألف طفل حياتهم في خطر نتيجة الجوع. في مدينة الحيدة وحدها يعاني ٣٠٪ من الأطفال الجوع بنسب تؤثر مباشرة في نموهم الجسدي والفكري أيضاً. وبحسب ممثلة منظمة أوكسفام، هذه النسبة هي ضعف ما تعتمده الأمم المتحدة لإعلان حالة الأزمة. فما الذي يحصل في اليمن السعيد؟ كيف تحول في أقل من قرن من أكبر منتجي البن في العالم إلى بلد يعاني الجوع ويستورد غذاءه؟ كيف يمكن أن يعاني قطر عربي ينتج النفط ويصدره من المجاعة؟ القصة نفسها تتكرر من بلد إلى آخر ومن قارة إلى أخرى. كان اليمن ينتج البن جنباً إلى جنب سائر الأغذية منذ القرن الخامس عشر. وتطور نمط الزراعة الاستثمارية التصديرية فيه، إلى أن أصبح البن أساس الاقتصاد اليمني. لكن، بعد دخول المستعمرين مع بداية القرن العشرين، نقلت تقنيات إنتاج البن إلى بلدان أفريقيا وأميركا اللاتينية، الأمر الذي خلق حالة تنافسية أدت إلى انهيار قطاع البن في غضون عقود قليلة. وشيئاً فشيئاً، اختلّ نظام اليمن السعيد. تتابعت الثورات والحروب الأهلية والدكتاتوريات منذ أيام الإمام يحيى وحتى اليوم مروراً بالتقسيم والوحدة وديكتاتورية علي عبد الله صالح والانتفاضة وحروب أميركا مع تنظيم القاعدة. تشابهت العهود بمقاربتها لقطاع الزراعة التي كانت مبنية على الإهمال التام، ما وفر الفرص الاستثمارية لحفنة من المستثمرين المقربين من النظام ولمستوردي الغذاء. فأصبح ضخّ المياه الجوفية جائراً واضمحلت طبقة المياه. ومن ثم جاء القحط في السنوات الأخيرة ليتمم الكارثة التي أعدها له الحكام والمستفيدون. وها هو اليمن اليوم ينازع لانتشال ثورته من مخالب أميركا وخدامها العرب، ويستغيث أطفاله طالبين النجدة. هل من بين العرب من يسمع صوتهم؟

Tuesday, June 5, 2012

Harmony is impossible with capitalism


Brilliant article by the great Fred Magdoff in Monthly Review. (Thanks Safia who always sends fabulous links)

"Let me begin by making clear that I am not a philosopher nor am I well versed in Chinese cultural history. My background is in agriculture, specifically soil fertility and health, from which I have branched out into areas of ecology and ecological approaches to agriculture and society.
With that background in mind, when I consider the concept of harmony in the context of humans, their societies, and the environment I have a particular understanding of the concept. It refers to all people living together peacefully without exploitation of one person by another, each able to reach his or her full human potential, in a society in which everyone has their basic material and nonmaterial needs satisfied, feels secure, safe, happy, and fulfilled as human beings. In addition, the concept also implies harmony between people, the environment, and the other species we share the planet with. People need fully to understand, and act in such ways that indicate, that they are embedded in nature and dependent upon it—not just to obtain natural resources needed for human life, but also that their lives are made richer and protected by biodiversity and the smooth and efficient functioning of the many cycles of nature such as the water and nutrient cycles.
There is an overriding issue when considering harmony as I have briefly described it. Harmony in the world—among its people and between humans and the rest of the ecosystems—is not possible in the context of capitalism. Capitalism, a system that has been in existence for some 500 years (merchant capitalism for approximately 250 years and industrial capitalism for about 250 years)—a relatively short time in the 150,000 year history of anatomically modern humans—has shown that it fosters interpersonal relations and metabolic interactions with the earth that are detrimental to achieving a harmonious existence. This is a result of capitalism’s basic characteristics and the relationships it creates as it normally functions. The purpose of capitalism is not to satisfy human needs and preserve the environment. There is only one purpose and driving force—ultimately responsible for both its dynamic periods and its crises and long periods of slow growth (stagnation)—and that is the accumulation of capital without end. The capitalist system has a number of basic characteristics and also fosters specific human characteristics and relationships."

Income inequality can be seen from space (from boing boing)


"How? It's surprisingly simple. Turns out, demand for trees in neighborhoods behaves a lot like a luxury item, as opposed to a basic necessity.
Tim De Chant at The Per Square Mile blog wrote about research on this a couple of weeks ago. Then, he went out and found examples, using images from Google Earth.
Research published a few years ago shows a tight relationship between per capita income and forest cover.
...They found that for every 1 percent increase in per capita income, demand for forest cover increased by 1.76 percent. But when income dropped by the same amount, demand decreased by 1.26 percent. That’s a pretty tight correlation. The researchers reason that wealthier cities can afford more trees, both on private and public property. The well-to-do can afford larger lots, which in turn can support more trees. On the public side, cities with larger tax bases can afford to plant and maintain more trees." (Thanks Toby)

Who profits: Israel and Palestinian agriculture


"In 2010, Israel exported fruit and vegetables in the total worth of 2.1 billion USD, 66% of which were exported to the European market. Some of this produce originated from occupied territories. The Israeli control over the water and the land in the West Bank prevents the development of a Palestinian agriculture. Better yet, the agriculture in the West Bank has turned the settlements themselves into profitable corporations through the establishment of water facilities, crops and export companies. 
Until its formal liquidation in September 2011, Agrexco was the main agricultural exporter of Israeli produce to Europe. Since then, most of the farmers and packing houses that worked with Agrexco have begun to look for alternative marketing options. The following Flash-report is an update on the major Israeli agriculture export companies presently operating in Occupied Territories. The report further indicates the harsh implications of an Israeli-only agriculture in occupied Palestinian and Syrian land. Moreover, please check out our report on the Israeli wine industry and the occupation." (Thanks Anne)


The big squeeze


""In Argentina, Chile and China there are immense plantations with the olives grown on espaliers so they can be harvested mechanically," says Pere Solé on his farm at La Bisbal del Penedès in Catalonia. "We can't compete with that." He explains that it costs him €2.70 to produce a litre of oil with a market value of €2.50. "Olive oil is one of the cheapest products on the market, when you bear in mind that a litre will last you a week or two, unlike a bottle of wine," he says. "It's absurdly cheap."" (Thanks Karin)


The irrigation ideology

Excellent article by dear Habib Ayeb on the link between the uprisings and agricultural policies (Thanks Anne)

"Les résultats des premières élections libres organisées en Tunisie, en Egypte et au Maroc (où le roi accélère le rythme des réformes politiques pour empêcher toute révolution qui aboutirait à la fin du système politique royal) ont placé au pouvoir des partis politiques de tendances islamistes (conservatisme social), dont les programmes politiques s'inscrivent clairement dans le libéralisme économique et la libre entreprise. Dans ce contexte, rien ne permet de penser que la compétition sur les ressources agricoles naturelles prendra fin, que l'agriculture vivrière sera protégée et renforcée et que le travail des petites paysanneries sera valorisé et récompensé. Plusieurs mois après le suicide du jeune chômeur Mohamed Bouazizi – fils d’une famille pauvre et d'une région rurale, à dominante agricole –, rien ne permet de penser que la politique agricole des trois pays sera définie davantage autour du concept de la souveraineté alimentaire que de la sécurité alimentaire, dont on a connu les limites et les risques avec la crise alimentaire de 2008."


http://www.kapitalis.com/afkar/68-tribune/10235-lafrique-du-nord-entre-dependance-alimentaire-et-marginalisation-sociale.html

Who owns Britain?

"This growth has been accompanied by a rapid consolidation of land ownership. When Kevin Cahill's book Who Owns Britain was published in 2002, 69% of the land was in the hands of 0.6% of the population. Since then the concentration has intensified: between 2005 and 2011, government statistics show, the number of landholdings in England has fallen by 10%, while the average size of holding has risen by 12%. This could be one of the fastest consolidations of ownership since theHighland clearances." (Thanks Safia)


http://www.guardian.co.uk/commentisfree/2012/jun/04/wildlife-land-aristocracy

Saturday, June 2, 2012

Reviving the Countryside


Dear Laila kindly provided a translation of my al akhbar article

Reviving the Countryside
Rami Zurayk
One of the worst calamities that could hit a farmer is having to see his harvest go to waste. This is what is happening today in Akkar because of loss of markets and the suspension of exporting through Syria. Mountains of vegetables and fruits are piling up in farms and markets, deteriorating and rotting, with no buyer or consumer to save them. 
This is a real disaster. It could worsen and lead to the bankruptcy of small farmers, who will be unable to absorb the financial loss. Some may be compelled to abandon agriculture, sell their land and join the queues of the unemployed.
The farming sector will be wiped away to be replaced by a specialized capitalist sector, more akin to industry than to agriculture. A sector built on ‘oceans’ of plastic tents which destroy the natural and social environment. 
It may seem to some, particularly economists belonging to the neoliberal school which has become the prevailing state religion in most countries, that there is no escaping this ‘natural’ development. The law of the market-jungle says that the strong eat the weak. In the case of humans, he who holds wealth and power exploits the weak to produce a financial surplus to feed his capital. 
This is happening in the agricultural sector all over the world. Investment beasts are swallowing up small holdings and turning them into “investments- settlements” exploiting land, water and manpower to produce a commodity ready for export. The local consumer only gets to see the second rate quality of this commodity, in line with his purchasing power.
This is what is happening in Lebanon today, just like all of the countries that have witnessed uprisings and revolutions which have failed to change the reality of rural poverty.
The idea of reviving the countryside is not a romantic one. It is a cultural, social, environmental, economic, dietary and humanitarian necessity. We cannot build a society of “life, freedom and social justice,” based on oppressing rural people. So is there anyone among those who enjoy power who wants to build a free and just society?

إحياء الريف


إحياء الريف


رامي زريق
من أصعب المآسي التي قد تصيب المزارعين، إرغامهم على رمي محصولهم في القمامة. هذا ما يحصل اليوم في عكار نتيجة غياب الأسواق وإغلاق باب التصدير عبر سوريا. تتراكم جبال الخضار والفاكهة في المزارع والأسواق، وتكسد وتفسد ولا من شارٍ ولا من مستهلك. إنها حقاً كارثة، وقد تتفاعل أكثر فأكثر وتؤدي إلى إفلاس صغار المزارعين الذين لا يقدرون على استيعاب الخسارة المادية. قد يضطر البعض مرغماً إلى ترك الزراعة وبيع الأرض والانضمام إلى سرب العاطلين من العمل. هكذا يُلغى القطاع الفلاحي ويُستبدَل بقطاع زراعي رأسمالي متخصص أقرب إلى الصناعة منه إلى الزراعة. قطاع مبني على قاعدة «بحور» الخيم البلاستيكية التي تدمر البيئة الطبيعية والاجتماعية. قد يبدو للبعض، وخصوصاً الاقتصاديين الموالين للمدرسة النيو ليبرالية التي أصبحت المذهب السائد ودين الدولة في أكثر البلدان، أن لا مفر من هذا التطور «الطبيعي».
تنص شريعة السوق ـــ الغاب على أن القوي يأكل الضعيف. وفي حال البشر، من يملك الثروة أو السلطة يستغل الضعيف لإنتاج فائض مالي يتغذى منه رأس المال. هذا ما يصيب القطاع الزراعي عالمياً، حيث تبتلع حيتان الاستثمار الملكيات الصغيرة وتحولها إلى «استثمارات ـــ استعمارات» تستغل الأرض والماء والبشر لإنتاج سلع معدّة للتصدير لا يرى منها المستهلك المحلي إلا بضائع الدرجة الثانية التي تتلاءم وقدرته الشرائية. هذا ما يجري اليوم في لبنان كما في البلدان التي شهدت انتفاضات وثورات، والتي لم يتغير فيها واقع الفقر الريفي. لا تنبع فكرة إحياء الريف من شعور رومانسي، بل من ضرورات ثقافية واجتماعية وبيئية واقتصادية وغذائية وإنسانية. لن نستطيع بناء مجتمع الـ«عيش والحرية والعدالة الاجتماعية» على ظلم أهل الريف، فهل هناك بين أهل السلطة من يريد بناء مجتمع حر وعادل؟