التصويت الساذج
يقام في لندن هذا الأسبوع سوق السفر العالمي، وهو معرض خاص بالسياحة، تعرض خلاله شركات السفر الدولية كل ما لديها من جديد، وتتنافس البلدان في جذب السياح من أقطاب الأرض. وكانت للربيع العربي حصة في هذ المعرض من خلال ندوة جمعت القطاعات الخاصة والحكومية لمناقشة تداعيات الانتفاضات العربية على قطاع بات يمثّل مصدر دخل أساسياً لعدد من البلدان في منطقتنا، على رأسها تونس ومصر، حيث تبلغ مساهمة قطاع السياحة ١٢٪ من الدخل القومي. وقد تدنت هذه النسبة بنحو ملحوظ بعد الثورات التي هزت البلاد وأطاحت الحكّام. وصرّح أحد المشاركين العرب في مقابلة على الإذاعة البريطانية، وفي صوته نبرة من الندم، بأنّ الاقتصاد المصري أصيب بضربة قاسية أدت إلى زعزعته نتيجة انحسار القطاع السياحي بعد الربيع العربي. يعيد هذا الكلام إلى الأذهان الحديث التافه الذي لا نزال نسمعه حتى الآن من أبواق الفريق المعادي للمقاومة عن مسؤوليتها في إجهاض الموسم السياحي اللبناني خلال الحرب التي شنتها إسرائيل في صيف ٢٠٠٦. يُغفل هؤلاء أن إسرائيل دمرت البنى التحتية والمصانع والأراضي الزراعية. يتناسون أيضاً أنّ المقاومة أنجزت ما لم يكن أي عربي يعتقده ممكناً عندما دافعت عن الأرض والإنسان والوطن وطردت المحتلين، مكبدة إياهم خسائر فادحة، ما أدى إلى فرض توازن قوى جيواستراتيجي جديد تعمل إسرائيل ومن وراءها على تعديله من خلال التآمر والعمالة وتأجيج الصراعات الداخلية. وها نحن الآن مشغولون بالتصويت لمغارة جعيتا، مجنّدين كل السذاجة الممكنة، آملين إنهاض السياحة في بلد أصبح فيه اقتصاد الريع لاهوت الدولة. يا ليتهم يبذلون هذه الجهود في تنمية الريف وإصلاح الملكية الزراعية وإنهاض القطاع الفلاحي! ويا ليتهم يذكرون انتصارات المقاومة ويتباهون بها مثلما يتغنون بجعيتا. هكذا تصنع العجائب على يد الإنسان.
No comments:
Post a Comment