الإقطاع الزراعي
يعاني الأمن الغذائي اللبناني أزمة مزمنة. يستورد لبنان ٧٥ في المئة من احتياجاته الغذائية، وخصوصاً السلع الأساسية مثل القمح والسكر والزيت. فيما يرتكز القطاع الحيواني كلياً على الأعلاف المستوردة، ما يجعل منه رهينة للأسواق الخارجية. وينقسم خبراء الأمن الغذائي في اقتراح حلّ لهذه الأزمة إلى فريقين؛ يرى الأول أن فتح الأسواق وتحريرها سيؤديان إلى خفض الأسعار العالمية وتحقيق الأمن الغذائي من خلال الاستيراد. فيما يلفت الثاني إلى أن عدد جياع العالم في تصاعد، وتحديداً في البلدان الفقيرة التي أغرقت أسواقها بسلع غذائية مدعومة تصدرها البلدان الصناعية، مستنداً إلى دراسات أظهرت أن سبب ارتفاع السلع يعود بشكل أساسي إلى المضاربات المالية التي تقودها شركات المال العالمية.
ويشدد الفريق الثاني على ضرورة تقوية الإنتاج المحلي لتحقيق بعض الاستقلالية. لذلك، أصبح من الضروري إنعاش القطاع الزراعي اللبناني الذي شهد تراجعاً حاداً خلال العقود الماضية. وتتجلى إحدى مشكلات القطاع في التوزيع المجحف للأراضي الزراعية، إذ يسيطر كبار الملاكين على ٣٠ في المئة من الأراضي الزراعية، ويشكلون ٢ في المئة فقط من مجمل القطاع. أما صغار المزارعين الذين تفوق نسبتهم ٩٥ في المئة، فيشغلون نصف المساحة الزراعية. لا يؤمن نتاج المساحات الصغيرة متطلباتهم المعيشية، ما يضطرهم إلى النزوح والهجرة. ويبدو جلياً أن أمن لبنان الغذائي واستدامة ريفه يرتكزان بشكل أساسي على منتجين صغار ليست لهم القدرة على الاستمرار في حال عدم تنظيم الملكية الزراعية وإعادة النظر في حقوق استعمال الأراضي المتروكة التي يملكها أثرياء. فهل يجرؤ أحد من «المصلحين» السياسيين على المسّ بممتلكات الطبقات
الحاكمة؟
No comments:
Post a Comment