By Wissam Matta from Al Safir
لا تخرج العلاقات الاقتصادية بين الاتحاد الأوروبي وكل من إسرائيل والسلطة الفلسطينية عن الازدواجية التي تميّز السياسات الدولية تجاه القضية الفلسطينية. فـ«العملاق الاقتصادي» الأوروبي يركز في علاقته مع الدولة العبرية على سبل تعزيز اقتصادها، بما يجعله واحداً من أقوى اقتصاديات العالم، فيما يقتصر تعامله مع الفلسطينيين على تقديم المساعدات التي أخفقت حتى الآن في بناء اقتصاد فلسطيني متماسك يمهّد لإقامة دولة «قابلة للحياة»، وهي مساعدات غالباً ما تكون مرتبطة بجملة من الاشتراطات السياسية.
وتحتل العلاقة الاقتصادية بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل أهمية خاصة بالنسبة للدولة العبرية، ليس من زاوية حجم التجارة الخارجية بين الطرفين فحسب، بل بسبب ما يقدمه الأوروبيون للدولة العبرية من خبرات تسهم في جعل اقتصادها واحداً من أكثر اقتصاديات العالم تطوراً.
ويلخص الخبير الاقتصادي حسين أبو النمل، في ورقة قدمها لمؤتمر «السياسة الخارجية تجاه القضية الفلسطينية» الذي نظمه مركز «الزيتونة» للدراسات خلال اليومين الماضيين، العلاقات الاقتصادية الأوروبية بجملها واحدة هي «اجتماع الفرصــة والاستجــابة»، حيث كانت الفرصة الأوروبية دائماً على مقاس الرغبة الإسرائيلية، وفي المقابل، كانت استجابة إسرائيل على قدر الفرصة التي أتيحت لها أوروبياً.
وبالرغم من أن الاتحاد الأوروبي يستوعب حصة كبيرة من الصادرات الإسرائيلية (حوالى 40%)، إلا أن أبو النمل يشير إلى أنّ أهم ما توفره أوروبا لاقتصاد الدولة العبرية يكمن في «القدرة الإنتاجية التي مكنت إسرائيل من تحقيق تجارة خارجية على حجم ونوع مميزين».
ويوضح أبو النمل أنّ الناتج المحلي الإسرائيلي بلغ، مع بداية العام 2010، حوالى 196,5 مليار دولار (26 ألف دولا للفرد)، فيما بلغ فائض الميزان التجاري 4,8 مليارات دولار، ما يرفع الناتج القومي الإجمالي إلى 202 مليار دولار (27 ألف دولار للفرد)، ما يجعل إسرائيل تحتل موقعاً في قائمة الدول المصنفة عالماً أولَ، وإن كانت في ذيل القائمة مع دولة مثل كوريا الجنوبية.
ويضيف أبو النمل أنّ إسرائيل تخصص نسبة 7,4 في المئة من ناتجها المحلي للتربية (أعلى نسبة في العالم بعد ايسلندا والولايات المتحدة)، فيما تبلغ حصة البحث العلمي 4,7 في المئة من الناتج المحلي، وهي أعلى نسبة في العالم.
وينطلق أبو النمل من المعطيات الإسرائيلية الرسمية المرتبطة بعدد براءات الاختراع للعام 2009 للحديث عن مدى إسهام الأوروبيين في الاقتصاد الإسرائيلي، إذ يشير إلى أنّ 25 في المئة منها هو إسهام داخلي، بينما 75 في المئة منها هو إسهام خارجي (40 في المئة للاتحاد الأوروبي، و35 في المئة للولايات المتحدة)، ليخلص، قياساً على ذلك، إلى أنّ الطاقة الإنتاجية الإسرائيلية، تعود بنسبة 40 في المئة لأوروبا، و35 في المئة للولايات المتحدة، 25 في المئة لإسرائيل، ما يعني أنّ «أوروبا وفرت لإسرائيل استثماراً أبديا هو وحده يفسر المكانة الاقتصادية والعلمية التي صارت لها».
وحول التجارة الخارجية الإسرائيلية، يشير أبو النمل إلى أنّ المُصَدِر الأكبر لإسرائيل هو الاتحاد الأوروبي (34,5 في المئة)، تليه الولايات المتحدة، (12,3 في المئة). أما المُستَهلِك الأكبر لصادرات إسرائيل فهو الولايات المتحدة (32,56 في المئة) يليها الاتحاد الأوروبي (29 في المئة)، علماً بأنّ إسرائيل وجدت في سوق أوروبا عامة (بما يشمل الدول غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي)، مجالاً لاستيعاب 45,5 في المئة من وارداتها، و35,7 في المئة من صادراتها.
لكن الأخطر، بحسب أبو النمل، هو أنّ «أوروبا لا تؤمن سوقاً ضخمة للاقتصاد الإسرائيلي فقط، بل تعد منصة انطلاق هائلة تقفز عبرها السلع الإسرائيلية إلى السوق العربية والإسلامية»، لا سيما في ما يتعلق بتجارة الماس، ما يجعل هذه القارة «المصبغة الكبرى والجهنمية لتنظيف وتبييض السلع الإسرائيلية السوداء، بل الحمراء، والملونة بالدم الأفريقي».
خيبة أمل فلسطينية
وفيما وفر الأوروبيون لإسرائيل طاقة إنتاجية أسهمت في تعزيز اقتصادها، فإنّ الواقع يبدو مختلفاً مع الفلسطينيين، حيث تفرض دول الاتحاد الأوروبي شروطاً سياسية قاسية عليهم في مقابل مساعدات تستهدف تلبية بعض حاجاتهم الاقتصادية.
وفي هذا الإطار، يشير الخبير الاقتصادي نصر عبد الكريم، في ورقة قدمها للمؤتمر حول العلاقات الاقتصادية الأوروبية الفلسطينية، إلى أنّه منذ توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993، وفّر المجتمع الدولي مساعدات للفلسطينيين المقيمين في الضفة الغربية وقطاع غزة، وذلك بهدفين أساسيين، الأول إعانتهم في تحمل صعوبات الحياة تحت الاحتلال، والثاني مساعدتهم في بناء مواردهم الخاصة لتشجيع التنمية المستدامة، لافتاً إلى أنّ الدول الأوروبية كانت في طليعة الشركاء الاقتصاديين مع الفلسطينيين خلال الفترة الانتقالية التي تلت أوسلو.
لكنه يوضح أنّه بسبب الممارسات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني وموارده الحيوية، لم تأت مليارات الدولارات التي قدمت كمساعدات بأية نتيجة على المدى الطويل، كما لم تنفع اتفاقيات التعاون والشراكة في أن توفّر للفلسطينيين آليات ومصادر التنمية المستدامة أو التطوير الذاتي.
ويقدر عبد الكريم مجموع المساعدات الدولية للفلسطينيين بحوالى 15 مليار دولار خلال الفترة الممتدة بين العامين 1994 و2009، قدمت دول الاتحاد الأوروبي نحو 40 في المئة منها، بينما أسهمت فيها الولايات المتحدة بنحو 15 في المئة، والدول العربية بنسب تفاوتت بين 8 في المئة (1994ـ2000) و30 في المئة (2001ـ2009).
ويوضح عبد الكريم أنّ 85 في المئة من المساعدات منحت للفلسطينيين على شكل هبات، أما الباقي فقدّم على شكل قروض. ويشير إلى أن 60 في المئة من هذه المساعدات استهدفت قطاع الخدمات الإنتاجية وبناء القدرات المؤسساتية للسلطة الفلسطينية، فيما تم إنفاق 22 في المئة على إعادة تأهيل البنى التحتية، بينها لم يتجاوز ما حوّل للقطاعات الإنتاجية نسبة 9 في المئة. أما بعد اندلاع انتفاضة الأقصى فقد تم تحويل النسب الأكبر من التمويل إلى المساعدات الطارئة ودعم الموازنة على حساب الأنشطة التنموية.
أما بالنسبة للترتيبات التجارية، فيرى عبد الكريم أنّ الاتفاقات التي أبرمها الاتحاد الأوروبي مع السلطة الفلسطينية، ومن بينها الاتفاقية الانتقالية للتجارة والتعاون (1997)، وخطة العمل المشتركة في إطار سياسة الجوار الأوروبي (2005)، فقد أعاقت تنفيذها الأجواء الأمنية والسياسية التي سادت في الأراضي المحتلة، فضلاً عن تحكم إسرائيل بحركة المعابر.
ويخلص عبد الكريم إلى أنّ التسهيلات الأوروبية في المجال الاقتصادي والتجاري لم تكن ذات تأثر وفعالية تعكس حجمها، مشيراً إلى أنها خيبت آمال الفلسطينيين بعدما فشلت في تقوية المجتمع الفلسطيني بما يمكنه من تحقيق استقلاله وتحديد مصيره.
وتحتل العلاقة الاقتصادية بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل أهمية خاصة بالنسبة للدولة العبرية، ليس من زاوية حجم التجارة الخارجية بين الطرفين فحسب، بل بسبب ما يقدمه الأوروبيون للدولة العبرية من خبرات تسهم في جعل اقتصادها واحداً من أكثر اقتصاديات العالم تطوراً.
ويلخص الخبير الاقتصادي حسين أبو النمل، في ورقة قدمها لمؤتمر «السياسة الخارجية تجاه القضية الفلسطينية» الذي نظمه مركز «الزيتونة» للدراسات خلال اليومين الماضيين، العلاقات الاقتصادية الأوروبية بجملها واحدة هي «اجتماع الفرصــة والاستجــابة»، حيث كانت الفرصة الأوروبية دائماً على مقاس الرغبة الإسرائيلية، وفي المقابل، كانت استجابة إسرائيل على قدر الفرصة التي أتيحت لها أوروبياً.
وبالرغم من أن الاتحاد الأوروبي يستوعب حصة كبيرة من الصادرات الإسرائيلية (حوالى 40%)، إلا أن أبو النمل يشير إلى أنّ أهم ما توفره أوروبا لاقتصاد الدولة العبرية يكمن في «القدرة الإنتاجية التي مكنت إسرائيل من تحقيق تجارة خارجية على حجم ونوع مميزين».
ويوضح أبو النمل أنّ الناتج المحلي الإسرائيلي بلغ، مع بداية العام 2010، حوالى 196,5 مليار دولار (26 ألف دولا للفرد)، فيما بلغ فائض الميزان التجاري 4,8 مليارات دولار، ما يرفع الناتج القومي الإجمالي إلى 202 مليار دولار (27 ألف دولار للفرد)، ما يجعل إسرائيل تحتل موقعاً في قائمة الدول المصنفة عالماً أولَ، وإن كانت في ذيل القائمة مع دولة مثل كوريا الجنوبية.
ويضيف أبو النمل أنّ إسرائيل تخصص نسبة 7,4 في المئة من ناتجها المحلي للتربية (أعلى نسبة في العالم بعد ايسلندا والولايات المتحدة)، فيما تبلغ حصة البحث العلمي 4,7 في المئة من الناتج المحلي، وهي أعلى نسبة في العالم.
وينطلق أبو النمل من المعطيات الإسرائيلية الرسمية المرتبطة بعدد براءات الاختراع للعام 2009 للحديث عن مدى إسهام الأوروبيين في الاقتصاد الإسرائيلي، إذ يشير إلى أنّ 25 في المئة منها هو إسهام داخلي، بينما 75 في المئة منها هو إسهام خارجي (40 في المئة للاتحاد الأوروبي، و35 في المئة للولايات المتحدة)، ليخلص، قياساً على ذلك، إلى أنّ الطاقة الإنتاجية الإسرائيلية، تعود بنسبة 40 في المئة لأوروبا، و35 في المئة للولايات المتحدة، 25 في المئة لإسرائيل، ما يعني أنّ «أوروبا وفرت لإسرائيل استثماراً أبديا هو وحده يفسر المكانة الاقتصادية والعلمية التي صارت لها».
وحول التجارة الخارجية الإسرائيلية، يشير أبو النمل إلى أنّ المُصَدِر الأكبر لإسرائيل هو الاتحاد الأوروبي (34,5 في المئة)، تليه الولايات المتحدة، (12,3 في المئة). أما المُستَهلِك الأكبر لصادرات إسرائيل فهو الولايات المتحدة (32,56 في المئة) يليها الاتحاد الأوروبي (29 في المئة)، علماً بأنّ إسرائيل وجدت في سوق أوروبا عامة (بما يشمل الدول غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي)، مجالاً لاستيعاب 45,5 في المئة من وارداتها، و35,7 في المئة من صادراتها.
لكن الأخطر، بحسب أبو النمل، هو أنّ «أوروبا لا تؤمن سوقاً ضخمة للاقتصاد الإسرائيلي فقط، بل تعد منصة انطلاق هائلة تقفز عبرها السلع الإسرائيلية إلى السوق العربية والإسلامية»، لا سيما في ما يتعلق بتجارة الماس، ما يجعل هذه القارة «المصبغة الكبرى والجهنمية لتنظيف وتبييض السلع الإسرائيلية السوداء، بل الحمراء، والملونة بالدم الأفريقي».
خيبة أمل فلسطينية
وفيما وفر الأوروبيون لإسرائيل طاقة إنتاجية أسهمت في تعزيز اقتصادها، فإنّ الواقع يبدو مختلفاً مع الفلسطينيين، حيث تفرض دول الاتحاد الأوروبي شروطاً سياسية قاسية عليهم في مقابل مساعدات تستهدف تلبية بعض حاجاتهم الاقتصادية.
وفي هذا الإطار، يشير الخبير الاقتصادي نصر عبد الكريم، في ورقة قدمها للمؤتمر حول العلاقات الاقتصادية الأوروبية الفلسطينية، إلى أنّه منذ توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993، وفّر المجتمع الدولي مساعدات للفلسطينيين المقيمين في الضفة الغربية وقطاع غزة، وذلك بهدفين أساسيين، الأول إعانتهم في تحمل صعوبات الحياة تحت الاحتلال، والثاني مساعدتهم في بناء مواردهم الخاصة لتشجيع التنمية المستدامة، لافتاً إلى أنّ الدول الأوروبية كانت في طليعة الشركاء الاقتصاديين مع الفلسطينيين خلال الفترة الانتقالية التي تلت أوسلو.
لكنه يوضح أنّه بسبب الممارسات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني وموارده الحيوية، لم تأت مليارات الدولارات التي قدمت كمساعدات بأية نتيجة على المدى الطويل، كما لم تنفع اتفاقيات التعاون والشراكة في أن توفّر للفلسطينيين آليات ومصادر التنمية المستدامة أو التطوير الذاتي.
ويقدر عبد الكريم مجموع المساعدات الدولية للفلسطينيين بحوالى 15 مليار دولار خلال الفترة الممتدة بين العامين 1994 و2009، قدمت دول الاتحاد الأوروبي نحو 40 في المئة منها، بينما أسهمت فيها الولايات المتحدة بنحو 15 في المئة، والدول العربية بنسب تفاوتت بين 8 في المئة (1994ـ2000) و30 في المئة (2001ـ2009).
ويوضح عبد الكريم أنّ 85 في المئة من المساعدات منحت للفلسطينيين على شكل هبات، أما الباقي فقدّم على شكل قروض. ويشير إلى أن 60 في المئة من هذه المساعدات استهدفت قطاع الخدمات الإنتاجية وبناء القدرات المؤسساتية للسلطة الفلسطينية، فيما تم إنفاق 22 في المئة على إعادة تأهيل البنى التحتية، بينها لم يتجاوز ما حوّل للقطاعات الإنتاجية نسبة 9 في المئة. أما بعد اندلاع انتفاضة الأقصى فقد تم تحويل النسب الأكبر من التمويل إلى المساعدات الطارئة ودعم الموازنة على حساب الأنشطة التنموية.
أما بالنسبة للترتيبات التجارية، فيرى عبد الكريم أنّ الاتفاقات التي أبرمها الاتحاد الأوروبي مع السلطة الفلسطينية، ومن بينها الاتفاقية الانتقالية للتجارة والتعاون (1997)، وخطة العمل المشتركة في إطار سياسة الجوار الأوروبي (2005)، فقد أعاقت تنفيذها الأجواء الأمنية والسياسية التي سادت في الأراضي المحتلة، فضلاً عن تحكم إسرائيل بحركة المعابر.
ويخلص عبد الكريم إلى أنّ التسهيلات الأوروبية في المجال الاقتصادي والتجاري لم تكن ذات تأثر وفعالية تعكس حجمها، مشيراً إلى أنها خيبت آمال الفلسطينيين بعدما فشلت في تقوية المجتمع الفلسطيني بما يمكنه من تحقيق استقلاله وتحديد مصيره.
No comments:
Post a Comment