هكذا تصدّى «البوسطجي» للحصار الإعلامي
كارلوس لطوف ــ البرازيل
نظام مبارك شلّ كل وسائل التواصل، ليحكم الخناق على الانتفاضة الشعبيّة في مصر. لكنّ الناشطين استعملوا الفايسبوك لنشر الأخبار وتنظيم الاحتجاج
صنعاء ـــ «كفاية بقى» قالتها السلطات المصرية في وجه «فايسبوك» منتصف ليل الخميس. ومنذ ذلك الوقت، لم نعد نشاهد مشاركات الأصدقاء من داخل مصر على صفحاتهم التي كانوا يستخدمونها للتنسيق، وتحديد أماكن التجمّع في «يوم الغضب».
قطع نظام مبارك خدمة الإنترنت عن مصر، وتابع بقطع خدمة الهواتف الخلوية التي تسمح بتصفح الإنترنت عبر أجهزة داعمة للخدمة. لكن «مين اللي يقدر ساعة يحبس مصر» كتب مطيع من اليمن على صفحته على «فايسبوك»، لاعباً دور «البوسطجي»، ومستفيداً من خبرته بصفته مهندس اتصالات ليعرض كيفية إجراء اتصال عبر الإنترنت باستخدام الهاتف الأرضي عن طريق الـ«دايل آب». في الطرف الآخر، كانت منى اللبنانية تكتب على صفحتها أرقاماً هاتفية يمكن توصيلها إلى داخل مصر، ومن خلالها إرسال تطورات الأحداث أولاً بأول لنشرها، إضافة إلى تدوينها تنبيهاً مهماً: «لا تستخدموا هذه الأرقام للاتصال تحت أي ظرف. ابعثوا لنا الأخبار برسائل نصية فقط». آخرون بدأوا يعرضون حيلهم لفتح «النت» من مصر.
من جهة ثانية، برزت «شبكة رصد» ( RNN) مايسترو حقيقية في نقل الأخبار الطازجة. برزت مع الانتفاضة يوم 25 كانون الثاني (يناير)، واستطاعت الصفحة أن تضمّ في عضويتها حتى مساء أمس نحو 353 ألف شخص. هؤلاء نقلوا بدورهم ما يُكتب على الصفحة من أخبار عاجلة إلى صفحاتهم مع ذكر المصدر.
لدى إنشاء الصفحة، اعتقد كثيرون أن «شبكة رصد» أنشأها فريق من جماعة «6 أبريل» المصرية التي أسهمت في الإعداد ليوم 25 كانون الثاني (يناير). لكن بعد إكمال قطع شبكة الاتصالات عن جميع المدن المصرية، واستمرار الصفحة في بث رسائلها على «فايسبوك» و«تويتر»، تزايدت التساؤلات عن مكان محرري الصفحة. عندها كتبوا: «البعض فاهم إننا في مصر. الفريق اللي بيحرر الصفحة دلوقتي كله بره مصر. والخبر اللي بنحطه بنكون واثقين فيه جداً، وبيكون من جوا مصر». ورغم عدم التأكد من المعلومات التي تنشرها الصفحة، إلا أنّ مواصلة الشبكة نشر أخبارها العاجلة التي لم تتعارض مع الأخبار الواردة تباعاً عبر المحطات الإخبارية، منحتها صدقيّة كبيرة ووضعتها في مقدم الصفحات الأكثر متابعة ومساهمة في فك الحصار على مصر.
لم تتوقف عملية الإفادة من «فايسبوك» هنا. بل وصل حد الإعلان عن تنظيم الفعاليات الاحتجاجية على النظام المصري. من كندا، كتبت الشاعرة المصرية إيمان مرسال على «شبكة رصد»: «وقفة في إدمونتن، ألبيرتا في كندا، يوم السبت 29 يناير الساعة 12، في ميدان وينستون تشرشل».
لقد أدّت «ثورة الكرامة» التونسية إلى الإضاءة على تغييرات جذرية في طريقة تعامل الشباب مع هذه الشبكة الاجتماعية، ما ينقض تماماً الدعاية الرسمية التي طالما شنّفت آذاننا بنظريّات على وزن «دول شوية عيال بيلعبوا ع النت». يذهب فيلم دايفيد فينشر «الشبكة الاجتماعية» قريباً للتنافس على الأوسكار. سيحدث هذا في وقت يذهب فيه الشباب العربي لحصد جوائزه الخاصة... على هيئة ثورات هذه المرة.
العدد ١٣٢٧ السبت ٢٩ كانون الثاني ٢٠١١
No comments:
Post a Comment