Wednesday, April 28, 2010

صوتنا المرتفع ضد المدينة ليس بقصد الانتماء إليه

ليس في حكاية «الثائرين» جديد على أهل التعب، كما على أهل الظلم. آباء وأمهات نزحوا قبل عقود هرباً من جوع وقهر في جرود بعلبك. ليست أحزمة البؤس مفتوحة لكل الفقراء. والمكان الضيّق الذي استضافهم في الرويسات على حافة قرى السياحة في المتن، لم يكن يتّسع لهم كفاية. كان عليهم رسم خريطة توصل البيوت بعضها ببعض. كان لجعفر أن يخرج من غرفة نومه إلى مطبخ ناصر الدين من دون الحاجة إلى باب المنزل. وفي دقائق قليلة، يمكنه عبور المخيّم إلى خارجه سيراً على الأسطح المتراصة بعضها على أكتاف بعض. وكل الحكايات مسموعة من أُذن إلى أُذن. والقهر رافقهم بكل طقوسه. الجرائم والقهر والتعب نفسه. حتى الحظ السيّئ يتدافع للجلوس بينهم. شقيق جعفر يصغره سنةً. الباص لم يوصله إلى المدرسة. دهسه وقتله على باب المنزل. بعدها حمل الأهل حزنهم وابنهم القتيل إلى الجرد نفسه. فالحرب الطبقية ترافق الموت أيضاً: «مين قال كل اللي بيموت بيندفن ببيروت». لكن الهروب كان له سببه الإضافي كي لا تكرّ سبحة الموت على أهل القتيل. والعودة لاحقاً إلى المدينة تصبح مثل قصاص مفروض على الأولاد، كما على الأهل، لأن العمل ممكن بحدّه الأدنى في هذا المخيّم التعيس. والعودة إلى المدرسة ومن ثم إلى الجامعة تفرض الابتعاد عن الجرد، والعودة إلى المدينة


  ابراهيم الأمين
عن فرقة طفار
في الأخبار
http://www.al-akhbar.com/ar/node/187498

No comments: