الحرب المائية
رغم تحاليل الخبراء في شأن المياه، ورغم تحذيرات مراكز الأبحاث الدولية، وخصوصاً تلك المعنية بالاحتباس الحراري، لن تقع حرب المياه بين العرب و«إسرائيل». فالحاجة إلى المياه في مجتمعاتنا الحديثة والمعولمة لا تبرر اندلاع حرب مفتوحة ستكون عواقبها، حسب صنّاع القرار، أكبر بكثير من تلك التي تنتج من شح المياه. كذلك فإن بلدان الطوق تستغل الجزء الأساسي من ثروتها المائية في الزراعة، وقد تصل هذه النسبة إلى 80%، كما هي الحال في لبنان والأردن. يضاف إلى كل ذلك أن الزراعة هي في الأساس قطاع أهملته الحكومات تاريخياً، وهو يسهم اليوم بنحو 6% من الناتج القومي اللبناني. ورغم أهمية ورمزية إنتاج الغذاء المحلي والحفاظ على المجتمع الريفي، من البديهي أن هذه الحكومات ستضحي بهذا القطاع بكامله لتجنب الحرب حتى لو وضعت «إسرائيل» يدها على كل المصادر المائية. وهذا ما يفسر قبول الأردن باتفاقية مائية مجحفة، وما يفسر أيضاً سكوت الدولة اللبنانية عن التعديات «الإسرائيلية» على مياه الحاصباني. أضف إلى ذلك أن أكثر مواردنا المائية متجددة، وأن هناك دائماً بديل تحلية مياه البحر، وقد اتخذته «إسرائيل»، وأن القطاع الزراعي الصهيوني في حالة انحسار بعدما أدى دوراً مهماً في التجنيد للمشروع الاستعماري وتحسين صورة الكيان الصهيوني في المجتمعات الغربية. تؤكد كل هذه المعطيات أن حرب الماء لن تقع؛ لأنه، بكل بساطة، هناك بدائل أخرى. أما حرب الغاز، فهذه قصة أخرى؛ إذ يمثّل اكتشاف حقول غاز ضخمة في البحر بين لبنان وفلسطين المحتلة فرصة تاريخية للنهوض الاقتصادي والاجتماعي، وعلينا الاستعداد للدفاع عن حقوقنا بشراسة من أطماع المستعمر الصهيوني. لكن لبنان اليوم غير لبنان الأمس... مواردنا بأمان في حماية المقاومة.
No comments:
Post a Comment