القوي والضعيف
هناك نقطة تحوّل جوهرية في العلاقة بين القوي والضعيف. في لحظة حاسمة خلال المواجهات المعدومة التوازن، ينقشع المنظر أمام الضعيف ويرى الأشياء كما هي: القوي خامته بشرية فيه نقاط ضعف هائلة وجبان يخاف ويبكي ويكذب ويغش. حينها، يخسر القوي هيبته ويزول حاجز الخوف وتنكشف الحقيقة ويتحول القوي إلى موضوع سخرية وهزل. يشكل هذا الإنتقال في الوضع النفسي للضحية خطوة أساسية في عملية التحرر الذاتي والتي تعلن عن تبديل موازين القوى. بلغنا هذه النقطة في لبنان خلال حرب 2006، عندما تصدت فرقة صغيرة من المقاومين لنخبة الجيش الصهيوني، وجعلت جنوده يبكون من الرعب وينادون أمهاتهم لإنقاذهم. عندها سقطت أسطورة الجيش الإسرائيلي العاتي وصححت الصورة في أذهان الناس وبتنا جميعاً على يقين تام بأن هؤلاء بشر وجبناء يختبئون خلف الدبابات، ولا ينتصرون علينا إلا في عقولنا. هكذا كان النصر، وهكذا سيكون دائما لأننا كسرنا حاجز الخوف وانتقلنا من حالة الكفاح اليائس الذي لا منفذ له إلاَ الفناء، إلى التضحية من أجل بناء حياة أفضل بانت علينا ملامحها. أصبحنا نقاوم لأننا نعشق الحياة وليس لأننا يائسون منها. لا نزال في عالم الأكاديميا العربي نعاني من الضعف النفسي تجاه الكيان الصهيوني. لا يزال العدد الأكبر من العلماء العرب ينظرون إلى العلماء الإسرائيليين نظرة الضعيف نحو القوي. غذَت هذه الحالة عقود من البروباغاندا ومن الإهمال الرسمي العربي لأن انظمة الطغيان سرقت مال الشعب بدلاً من بناء المدارس والجامعات ومراكز الأبحاث. لن يكتمل ربيعنا العربي في غياب إصلاح شامل للتعليم والأبحاث. لن يأتي النصر إلا محمولاً على أكتاف جيل خلاق يعرف كيف يبتكر التكنولوجيا وليس فقط كيف يشتريها.
No comments:
Post a Comment