ثورة حوران
حوران السهل: التربة الحمراء الداكنة والحجارة السوداء اللامعة والسماء التي لا تعرف طعم الغيث وعفاريت الغبار التي تلف الحقول. هناك، ينحني الجولان علينا بحنان، وفي الأفق القريب تضيع هضاب جبل العرب بين السراب. تمر السيارات بسرعة هائلة، كأنها تحاول الهروب من رتابة الطريق. في الورش المنتشرة على ضفاف نهر الأسفلت، تتجمع الجرارات الزراعية لزيارتها الدورية قبل الخريف. موسم آخر يحل على الفلاحين، فهناك من لا يزال يحرث ويزرع ويحصد. إنها أرض عريقة بعرق أهلها. هل تعلمون أن في هذه الأرض اكتشفت البشرية الزراعة منذ 10 آلاف عام؟ هل تعرفون أنها وهبتنا القمح والشعير والخبز؟ هل تدركون أن علماء العالم يأتون إليها ليجمعوا عينات من نباتها البري ومن أصناف حبوبها القديمة؟ يا لها من أرض كريمة ومعطاء. في تاريخها قصص الأبطال والثوار. فمن هنا، عبر أدهم خنجر بطل جبل عامل عندما حاول اللجوء إلى ديار سلطان باشا الأطرش. ومن هنا، مرت القافلة العسكرية الفرنسية التي ألقت القبض عليه. وهنا، دارت معارك شرسة بين ثوار جبل العرب بقيادة سلطان باشا الأطرش والفرق المؤللة الفرنسية. ومن هنا، عبرت أخيراً أرتال الدبابات في طريقها إلى درعا لقمع الاحتجاجات الشعبية وقتل المحتجين. ربما، كان بين هؤلاء مندسون يعملون لمصلحة مؤامرة ما. لكن لا بد من أن بينهم مزارعين ما عادوا يحتملون صعوبة العيش في وطن سقوا تربته بعرقهم ودمائهم ليصبح فريسة لكبار «شبيحة» المال العام. المازوت مفقود والماء شحيح. حتى المناخ انقلب عليهم. عاماً بعد عام، القحط أفقرهم وشرد البعض منهم، ودولة الرعاية ابتلعها غول الإصلاح الاقتصادي الليبرالي...
كان الربيع دامياً والصيف حارقاً. ماذا يا ترى يخبئ لنا خريف العرب؟
كان الربيع دامياً والصيف حارقاً. ماذا يا ترى يخبئ لنا خريف العرب؟
No comments:
Post a Comment