إسرائيل ساهرة على الجبهة... الإلكترونية
منذ عدوان تموز 2006، أدرك الاحتلال أهمية الإنترنت للتأثير في الرأي العام العالمي. لكن قبل أسابيع، بدأت الشبكة العنكبوتية تحاصر الكيان العبري عبر مجموعة صور تظهر مجنّدين ينتهكون حقوق الأسرى الفلسطينيين
ليال حداد
لم يكن الشريط الذي بثّ على «يوتيوب» وكشفته القناة العاشرة الإسرائيلية أخيراً فريداً من نوعه. الفيديو الذي صوّر أحد الجنود الإسرائيليين وهو يرقص أمام أسيرة فلسطينية ليس الأوّل الذي يفضح تجاوزات الاحتلال بحقّ الأسرى الفلسطينيين.
لكن توقيت الشريط جاء ليطرح علامات استفهام حول دور الإعلام الجديد في تسليط الضوء على ما يتعرّض له الفلسطينيون يومياً.
قبل حادثة «الجندي الراقص»، شاهدنا صور المجنّدة السابقة إيدن أبرجيل المبتسمة على «فايسبوك»، إلى جانبها أسير معصوب العينين (آب/ أغسطس الماضي). ومع انتشار صور «فايسبوك»، ظهرت على المواقع والمدونات، مجموعات تنشر الجرائم الإسرائيلية موثّقة بالصور والأشرطة. واللافت أنّ مصدر كل هذه المعلومات جنود إسرائيليون سابقون في الجيش. هكذا بعد قضية صور أبرجيل على «فايسبوك»، خرجت إلى العلن صور أخرى نشرت على الموقع نفسه. ناشرو هذه الصور هم جمعية تدعى «كسر الصمت – breaking the silence» مؤلفة من جنود خدموا في جيش الاحتلال أثناء الانتفاضة الثانية. وأكدت هذه الجمعية أن صور أبرجيل وغيرها هي «القاعدة المعتمدة في التعاطي مع الأسرى وليست استثناءً». طبعاً هدف «كسر الصمت» ليس محاكمة المسؤولين، أو تحصيل حقوق الفلسطينيين بل «إنهاء احتلال أراضي عام 1967، كي نجنّب الجنود الإسرائيليين ما يتعرّضون له من عذاب نفسي ».
إذاً الجنود الإسرائيليون هم من ينشرون صور الانتهاكات. مما أثار ردود فعل مستغربة: هل أراد أصحاب شريط «الجندي الراقص» أن يعرف العالم ما يجري للأسرى الفلسطينيين؟ أم أنّ نشر الفيديو مجرّد عمل «طائش» كما وصفه الإعلام الإسرائيلي؟ وهل تدفع هذه الانتهاكات الدولة العبرية إلى تشديد رقابتها على الإنترنت؟
حتى الساعة، اختارت إسرائيل الردّ على مهاجميها عبر الشبكة العنكبوتية نفسها. إذ جنّدت مجموعة من المدوّنين لتحسين صورتها التي تزعزعت أمام الرأي العام منذ عدوان تموز 2006 وصولاً إلى الاعتداء على «أسطول الحرية».
يخضع المستوطنون لدورات تدريبية حول كيفية تعديل المعلومات على «ويكيبيديا»
ولعلّ الاهتمام الإسرائيلي الحقيقي بالشبكة العنكبوتية برز خلال العدوان على غزة (2008/ 2009). يومها، أنشأ الجيش قناته الخاصة على «يوتيوب» وعقد محاضرات سريعة على «تويتر» لشرح وجهة النظر الإسرائيلية من الأحداث. «المعركة الحقيقية ليست عسكرية» قال مدير مجلس المستوطنات في الضفة الغربية نفتالي بينيت بعد انتشار صور انتهاكات حقوق الأسرى. وأضاف «أكبر تهديد لإسرائيل اليوم هو عجزها عن استعمال الجيش لحماية نفسها بسبب الرأي العام العالمي» في إشارة إلى الإحراج الذي سبّبته صور الجنود على «فايسبوك».
بدا عمل المدوّنين واضحاً أخيراً، خصوصاً بعد حادثة «أسطول الحرية». عدّلوا على موقع «ويكيبيديا» تفاصيل الاعتداء، لتناسب القصة التي سوّقت لها إسرائيل للعالم عن «وجود إرهابيين على متن الأسطول». هذا «الغزو الإسرائيلي للإنترنت» سبقته دورات تدريبية في المستوطنات تحثّ المدوّنين على دخول المواقع الإلكترونية، خصوصاً «ويكيبيديا»، لنشر وجهة نظر إسرائيل من مختلف الأحداث التاريخية.
لكن يبدو أن بعض المتطرفين الإسرائيليين لم يكتفوا بهذا التجنيد الإلكتروني. بل طالبوا بحجب «فايسبوك»، و«يوتيوب». ولعلّ ذلك يعيدنا إلى ما حصل في الولايات المتحدة بعد نشر موقع «ويكيليكس» الوثائق المتعلقة بالحرب على أفغانستان، ومطالبة البعض بحجب الموقع، فهل تبدأ الدول التي تدّعي الديموقراطية حملتها للتضييق على الإنترنت؟
عدد الثلاثاء ١٢ تشرين الأول ٢٠١٠ | شارك
http://www.al-akhbar.com/ar/node/209892
No comments:
Post a Comment